روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | أمّي قاســـية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة


  أمّي قاســـية
     عدد مرات المشاهدة: 2787        عدد مرات الإرسال: 0

أمّي قاسية.. أمّي لا تحنو عليّ.. أمّي دائما تصرخ في وجهي دون سبب.. أمّي لا تتردّد في الدعاء عليّ.. عبارات عديدة كثيرا ما نسمعها تتردّد على لسان بعض الفتيات عندما تقسو أمهاتهنّ عليهنّ.

وتختلف معنى القسوة من شخص إلى آخر، فالبعض يرى القسوة من وجهة نظره هي غلظة القلب، وفقدانه لمعاني الرقّة، والموعظة، واللين، والرحمة.

والبعض الأخر يرى أنّ القسوة هي أن تشعر بغربة المكان، والنفس معا، وأن تكون وسط الناس لكنّك لست معهم، أي لا تجد نفسك بينهم، ولا تجد نفسك داخلك، فتمتلئ دواخلك بالمتناقضات، فتعيش في صراع لا ينتهي.

ونظرا لما يجنيه القاسي من مشاق عديدة فى الحياة، لكونه يصبح إنسانا مرفوضا من الآخرين، فقد حثّنا قرآننا الكريم على التحلّي بصفة اللين، والرحمة، فى قول الله تعالى في سورة آل عمران: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159].

وإذا كانت مصدر هذه القسوة الأمّ التي أنجبت وسهرت الليالي من أجل راحتنا، فالأمر يحتاج لوقفة لنتعرّف سويّا على الأسباب التي دفعتها لذلك، فإمّا أن تكون مريضة بمرض نفسيّ، أو أن -تكون أنت نفسك- أحد الأسباب، التي دفعتها إلى سلوك هذا السلوك الغريب، أو خضوعها لتنشئة إجتماعية قاسية، ترى أنّ البنت يجب عليها توخّي الحذر في كلّ ما تفعل، هناك أسباب عديدة أكّد عليها الدكتور عبد الله اليوسف أستاذ علم الإجتماع بجامعة الملك سعود في تصريحاته التي أدلى بها لموقع رسالة الإسلام.

¤ تفضّل الأولاد:

وعن نظرة الفتاة لأمّها القاسية

* تقول الشيماء. م: أمّي قاسية جدا علي، وأنا أكرهها، فهى لا تحسن معاملتي، ودائما تفضّل إخواني الأولاد عني، فهى لا تحبّ إنجاب البنات، ودائما ما تذمّ بي أمام صاحباتها، ولا أسمع منها كلمة شكر أو ثناء واحدة عندما أفعل شيئا طيّبا، بل لا تتردّد في تعذيبي بأيّ شكل إذا أقدمت على فعل شيء خاطئ.

* أمّا مريم.ح تقول: لا أذكر منذ ولادتي وحتّى الآن أنّ أمّي إحتضنتني، أو إهتمّت أن تعرف مشكلتي، وكثيرا ما كانت تقابلني مشاكل أعجز عن حلّها بنفسي، وعندما أحاول الحديث معها لترشدني، كانت تقول لي: نكلم بعدين أنا عندي شغل، ممّا يدفعني لسؤال صديقاتي لأعرف منهنّ ماذا أفعل.

¤ تصرخ في وجهي:

* دائما تصرخ فى وجهي هذا ما تردّد على لسان غاده. ا عند سؤالها عن سبب نظرتها لأمّها التي ترى أنّها غليظة القلب، ولا تحنو عليها ، مشيرة إلى أنّها كثيرا ما كانت تدعو الله أن يرحمها من العيش في المنزل، وأن يعجّل لها بالزواج حتّى تتخلّص من معاملة أمّها لها، التي كانت دائمة الصراخ في وجهها، لأيّ سبب، وتقول: إذا استأذنت منها في عمل أيّ شيء، دائما يكون ردّها بالنفي.

* وتتساءل ليلى. ط عن الذنب الذي إقترفته ليكون رد فعل أمّها هو الدعاء الدائم عليها بالمرض والهلاك، وعدم التوفيق في الحياة، وتقول: أمي معتدّة برأيها دائما، ولا تقبل المناقشة، فيكفينى أن أعارضها في الرأي حتّى يكون الدعاء علي من نصيبي.

¤ أسباب القسوة:

وعن الأسباب التي تدفع الأم للقسوة على أبنائها يقول الدكتور عبد الله اليوسف أستاذ علم الإجتماع بجامعة الملك سعود في تصريحات خاصّة لموقع رسالة المرأة : الأمّ لا يتوقّع منها القسوة، ولكنّها مصدر الحنان، أمّا إذا حدث عكس ذلك فلابدّ أن نبحث في الأسباب للتعرّف على العلاج الصحيح، والتي قد تكون راجعة إلى مرض الأمّ، وكبر سنها، أو تعرّضها لمرض نفسي، أو ضغط عصبي، أو راجعة إلى آليات التنشئة، التي تترجم الثقافة الشعبيّة التي ترى أن تدليل الإناث مفسدة لهنّ، أوقد يكون تعامل البنت نفسها مع الأمّ هو السبب وراء قسوة الأمّ عليها.

¤ المفهوم الديني:

وتابع: البنت يجب أن تعي جيدا المفهوم الديني الصحيح لمعنى طاعة الوالدين، وبرّهما، والذي أوصانا به الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء:    23-24].

وتابع: عليها أن تعلم جيّدا أنّه مهما فعلت أمّها معها، فلا يوجد إنسان بحنان الأمّ، ولا أحد يهمّه مصلحتها إلا هي التي تريد أن تراها أحسن الناس، ويجب عليها أن تراعي ظروف أمّها، سواء كانت كبيرة في السن، أو تعاني من مرض ما ، ويجب أن تضع في ذهنها دائما، أنّها سبب وجودها على الحياة، ويجب عليها تحمّل والديها، فمهما وصلت قسوة الأم، لكن تقودها عاطفة الأمومة، وإذا علمت البنت ذلك ستتنازل عن كلّ ما تراه من وجهة نظرها، قسوة من قبل الأم، فالأم أكثر حنانا، وأكثر شفقه ورحمة، لأنّ الله سبحانه وتعالى غرس فيها هذه المعاني الجميلة.

وأكّد اليوسف على أنّه إذا عاملت البنت أمّها بإحترام ومودّة، وتحمّلت والديها فإنّ الله سبحانه وتعالى سيجازيها خيرا.

وقال: للأسف الإعلام والمؤسّسات التربويّة أغفلت تنشئة الأطفال على هذه المعاني السامية، وأصبحنا كالمجتمعات الغربيّة، لا نحترم والدينا، فالبنت تنظر لأمّها عندما تحاسبها على فعل خاطئ فعلته نظرة الندّ للندّ، ولا تضع في الإعتبار أنّها أمها بل شخص غريب عليها.

¤ الإيــــلام:

وعن معنى القسوة الحقيقيّة والمتوهّمة يقول اليوسف: أعتبر الإيلام سواء كان نفسيا -كأن تدعو الأم على إبنتها أو تلفظها بألفاظ خارج حدود اللياقة-، أو الإيذاء الجسدي -كأن تقوم بضربها ضربا مبرحا- كلّ هذه قسوة حقيقيّة، أمّا إذا رأت البنت أنّ أمّها منعتها من فعل شيء لأنّها ترى أنّه خطأ، ومن قبيل الخوف عليها، كأن تمنعها من لبس عباءة غير محتشمة، أو الخروج، فهذه قسوة متوهّمة.

وتابع: كلّ ما تجاوز المقبول الإجتماعي، وتعدّى حدود الشرع، وقام الآباء بمنع الفتيات عن ممارسته أو فعله، فهو من حقّهم ولا يعتبر قسوة.

وأضاف: الآباء لديهم رسالة شاقّة يجب القيام بها، من حيث تنشئة الأبناء تنشئة صحيحة، ونحن لا نعرف أهميّة الآباء إلا عندما نتزوّج وننجب، وقتئذ نرى مدى المشقّة التي يتعرّض لها أولياء الأمور.

الكاتب: رشا أحمد.

المصدر: موقع رسالة المرأة.